الامام مالك
هو مالك بن انس بن مالك بن عامر الاصبحى و كنيته ابو عبد الله وقد لقب بامام دار الهجرة ولد بالمدينة سنة (93ه/715م)(179ه/796م) و كان مالك عظيم طويل الهامة اشقر ازرق العينين عظيم اللحية و كان متصف بحسن الخلق و الرزانة وسرعة الحفظ و الفهم منذ صباه و هو احد الائمة الاربعة اصحاب المذاهب المتبعة و قد عاش مالك حياته كلها بالمدينة المنورة مهبط الوحي و مقر التشريع و موطن الصحابة و محط العلماء و الفقهاء و لم يرحل من المدينة الا الى مكة حاجا و قد تلقى مالك علومه على يد علماء المدينة و ظل ياخذ و ينهل من العلم حتى سن السابعة عشرة و قام بالتدريس بعد ان شهد له شيوخه بالحديث و الفقه و قد قال مالك ما جلست للفتوى حتى شهد لى سبعون شيخا اني اهل لذلك و يعتبر الامام مالك امام اهل الحجاز في عصره و اليه ينتهي فقه المدينة و قد أجمع العلماء على امانته و دينه حيث قال الشافعي (مالك حجة الله على خلقه) وقال عبد الرحمن بن مهدي (ما رأيت أحدا اتم عقلا و أشد تقوى من مالك ) و قد شهد له جميع الائمة بالفضل حتى قالو (لا يفتى و مالك في المدينة) و قد قصده العلماء و طلاب العلم من كل مكان ليأخذو عنه. اذا انتشر مذهبه في كثير من الاقطار على ايدى أخذوا عنه. و للامام مالك كتاب (الموطأ) و قد ظل يحرره لمدة أربعين عاما جمع فيه عشرة الاف حديث و يعد كتاب (الموطأ) من أكبر أثار الامام مالك التي نقلت عنه أما وجه تسميته بالموطأ فهو راجع الى حديث المنصور مع مالك انه قال له "فألف لناس كتابا ووطئه لهم توطئة". و قد طبع بروايتين أحدهما رواية (محمد بن الحسن) و هو من أصحاب ابي حنيفة و الثانية رواية (يحيى بن يحيى الليثي الاندلسي). وبجانب (الموطأ) فللامام مالك كتاب (المدونة) وقد احتوى على جميع اراء الامام مالك المخرجة على اصوله و هو من اهم الكتب التي حفظت مذهبه و عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبى صلى الله عليه و سلم قال (يوشك أن يضرب الناس أكباد الابل يطلبون العلم فلا يجدون احدا اعلم من عالم المدينة) و قد روى عن ابن عيينه أنه سئل من عالم المدينة؟ فقال . انه مالك بن أنس (رواه الامام الترمذي في سننه) وكان هارون الرشيد قد بعث للامام مالك ليأتيه فيحدثه بعلمه فقال الامام مالك(العلم يؤتى) وقد تعرض الامام مالك لبعض المحن نتيجة بعض الفتاوى التي تغضب الحكام حيث افتى بعدم لزوم طلاق المكره ,وكانو الناس يكرهون الحلف بالطلاق , و بسبب ذلك ضرب بالسياط و أنفكت ذراعه بسبب الضرب الذي أوقعه عليه جعفر بن سليمان. ومن أهم تلاميذه*الامام الشافعي صاحب المذهب الشافعي* و قد بنى مالك مذهبه على أصول هي كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و الاجماع و القياس و قول الصحابة و المصلحة المرسلة و العرف و سد الذرائع و الاستحسان و الاستصحاب.
أصول مذهبه
القران الكريم
يتوحد الإمام مع جميع الأئمة المسلمين في كون كتاب الله عز وجل هو أصل الأصول، ولا أحد أنزع منه اليه يستدل بنصه وبظاهره و يعتبر السنة تبيانا له.
السنة النبوية
أما السنة ومفهومها عند الإمام مالك فطبيعي أن يسير في فهمها على ما سار عليه السلف وعامة المحدثين الذين كان من أئمتهم وأقطابهم، غير أنه ربما عمم في السنة لتشمل ما يعرف عند علماء الحديث بالمأثور. وهو بهذا المعنى يعطي لعمل أهل المدينة وإجماعهم مكانة خاصة، ويجعل من قبيل السنة كذلك فتاوى الصحابة، وفتاوى كبار التابعين الآخذين عنهم، كسعيد بن المسيب، ومحمد بن شهاب الزهري، ومن في طبقتهم ومرتبتهم العلمية، كبقية الفقهاء.
الاجماع
لعل مالكا أكثر الأئمة الأربعة ذكرا للإجماع واحتجاجا به، والموطأ خير شاهد على ذلك. أما مدلول كلمة الإجماع عنده فقد قال وما كان فيه الأمر المجتمع عليه فهو ما اجتمع عليه أهل الفقه والعلم ولم يختلفوا فيه
القياس
يعتبر القياس على الأحكام الواردة في الكتاب المحكم والسنة المعمول بها، طبقا للمنهج الذي قاس عليه علماء التابعين من قبله.
المصلحة المرسلة
معنى مراعاة المصلحة في المذهب المالكي أن يكون الإجتهاد قائما على أساس جلب المصلحة ودرء المفسدة وأن فهم النصوص والإستنباط منها قائما على أساس أن مقاصدها الاصلاح والمذهب المالكي صريح في مراعاته للمصلحة المرسلة خلافا للمذاهب الأخرى فيشوبها التردد والغموض.
سد الذرائع
هذا أصل من الأصول التي أكثر مالك الاعتماد عليه في اجتهاده الفقهي، ومعناه المنع من الذرائع أي المسألة التي ظاهرها الإباحة ويتوصل بها إلى فعل ممنوع، أي أن حقيقة سد الذرائع التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة.
العرف و العادة
إن العرف أصل من أصول الإستنباط عند مالك، وقد انبنت عليه أحكام كثيرة؛ لأنه في كثير من الأحيان يتفق مع المصلحة، والمصلحة أصل بلا نزاع في المذهب المالكي.
الاستصحاب
كان مالك يأخذ بالإستصحاب كحجة، و مؤدى هذا الأصل هو بقاء الحال على ما كان حتى يقوم دليل غيره.
اختيار المغرب المذهب المالكي
اختار المغاربة منذ أربعة عشر قرنا المذهب المالكي مذهبا رسميا للدولة المغربية، لذا ظل المذهب المالكي، إلى يومنا هذا، شعارا من شعارات الدولة المغربية، يعبر عن الوحدة المذهبية الدينية والأصالة الحضارية. بل إن المذهب تحول إلى مدرسة تربوية إصلاحية ساهمت في بناء الشخصية المغربية بكل مميزاتها وخصائصها.وقد أخذ أهل المغرب
تميز هذا المذهب بخصائص موضوعية هامة تجلت بالخصوص في سعة أصوله وشمولية قواعده، مما منح هذا المذهب قدرة على استيعاب المتغيرات وضبط المستجدات و الانفتاح علي القضايا المعاصرة.. وكان دخول موطأ مالك بن أنس إلى المغرب على يد عامر بن محمد بن سعيد القيسي على عهد المولى إدريس الثاني الأثر البارز في نشر المذهب، واتخاذه مذهبا رسميا للدولة. كما كان لتأسيس جامع القرويين سنة (245هـ) كمركز إشعاع علمي وثقافي الفضل في تطوير وترسيخ دعائم وأركان المذهب، وإعداد نخبة من العلماء خدموا المذهب تأصيلا وتفريعا وتنظيرا..
اشادات العلماء
.للامام مالك مكانة كبيرة بين العلماء و الفقهاء حيث انهم كانوا يذكرون مالك في كل كبيرة و صغيرة و كانت اشاداتهم اتجاهه تبين مدى قيمته حيث قال الامام الشافعي"ما على ظهر الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك"وقال ايضا"مالك حجة الله على خلقه"وقال عبد الرحمن بن مهدي" ما رأيت أحدا اتم عقلا و أشد تقوى من مالك"واجتمع الفقهاء فقالو"لا يفتى و مالك في المدينة